ربع قرن ...
الربع قرن هو عمري في هذه اللحظة ...
نَسَجَت الأيام لوحة عمرها خمسة وعشرين عاماً ॥ لوحة كغيرها ليست مثالية مائة بالمائة .. بل بها من العيوب مايساوي المميزات .. لوحة أطلقت عليها " تاريخ غادة " إن أمكنني القول ।
سأتحدث بإختصار شديد عن بعض سنوات عمري السابقة ...
تبدأ بأول سنوات عمري الأربع في السعودية مع أسرتي الغالية ...
ثم بالأربعة عشر عاماً التي قضيتها في موطني في اليمن السعيد ( أرجو أن تسترد لقبها هذا في أقرب فرصة ) .. تتخلل هذه السنوات أحداث فاصلة في حياتي مثل :
إلتحاقي بالمدرسة في عمر الخامسة والنصف ॥ رحيل أبي ( رحمة الله عليه ) وأنا في عمر الثالثة عشر .. تخرجي من الثانوية العامة في عمر السابعة عشر .. إقلاعنا من أرض اليمن السعيدة إلى أرض مصر الحبيبة في عمر الثامنة عشر ...
تليها سنواتي السبع إلا أربعة شهور في مصر .. وهي من أهم محطات الربع قرن ...
في أول عام لم أصنع أي شيء مفيد سوى اكتشاف مصر والمصريين في نطاق ضيق ...
العام الثاني والثالث إلتحقت بأكاديمية لتعلم اللغة الإنجليزية ॥ أقر بأن هذان العامان صنعوا فرق كبير في شخصيتي فرسموا ملامحها وأعادوا تأهيلها .. وذلك بسبب زملائي والمعلمين في هذه الأكاديمية .. كانت من أجمل سنوات عمري ...
العام الرابع ॥ عملت بمركز للتدريس .. فكنت أعلّم الأطفال اللغة الإنجليزية .. وهنا كنت المرة الأولى لي بتجربة العمل واستلام أجر مقابل هذا العمل .. ياله من شعور يفوق الوصف ...
أما العام الخامس والسادس فهو إجتيازي للمقابلة في امتحان كلية الإعلام جامعة القاهرة للتعليم المفتوح وقبولي بين طلابها ( لي أكثر من ثلاثة عشر عاماً وأنا أحلم بأن ألتحق بجامعة القاهرة ॥ وأحمد الله على تحقيقه ) .. وتخللها أيضاً عملي كمحررة صحفية متدربة ومندوبة إعلانات في مجلة في المنصورة وجريدة في المحلة على التوالي .. وأصبح لي مدونة أصب فيها بعض من أفكاري وخرافاتي ...
كما إن أختي التي تكبرني بثلاثة أعوام توّجت كأجمل عروس على عرشها فخطفها فارس أحلامها إلى قصرها فقُطفت زهرة جميلة من بيننا ॥ ربنا يسعدك أختي الحبيبة ...
نأتي إلى أهم محطة في اليوبيل الفضي والتي سأسلط الضوء عليها قليلاً ألا وهي السنة السابعة والأخيرة و التي لم تكتمل بعد ...
وهي سنة ثورة 25 يناير والتي أفتخر إلى الآن بأنني عشت كل لحظة فيها ...
لا أستطيع أن أستهين بهذه الأيام القليلة ॥ فهذه الأيام " المقدسة " زرعت بداخلي " غادة جديدة " .. غادة إيجابية أكثر ...
عندما شاركت في المظاهرات و هتفت معهم بصوت واحد كانت تولد حينها بداخلي طاقة كبيرة جداً مكسوة بشجاعة غير مألوفة وشعور بزهد عن الدنيا ومافيها ...
وإلى الآن صور الشهداء محفورة في ذاكرتي فأراهم أمام عيناي في كل حين فتذرف دموعي حرقة وفرحاً في آن واحد ॥ رحمة الله عليهم ...
يوم " التنحي " لم أستطع تمالك نفسي من الفرحة العارمة التي اجتاحت كل جزء في تكويني ॥ انطلقت صرخة فرح من حنجرتي هزت كياني وكنت أقفز كالأطفال وأنا أضحك وأغني وأهتف في آن واحد ...
ولكن فرحتي لم تستمر طويلاً ॥ وذلك بسبب مايحدث الآن في يمني السعيد .. وأتمنى أن انتشل نفسي من هنا لأشارك معهم هناك .. أتمنى أن أحقق هذه الأمنية بعيدة المنال .. كما أن إخوتي الصبيان هناك .. فياله من إحساس صعب الوصف عندما تشعر بأن قطعة منك في خطر داهم .. إلهي احفظ إخوتي وجميع الشعب اليمني بل والعربي أجمع ...
كما تخلل هذه السنه أول يوم ديمقراطية على أرض مصر منذ زمن بعيد ॥ وهو يوم استفتاء تعديل الدستور .. صحيح أن النتيجة لم تكن مرضية بالنسبة لي ولكن هذه إرادة الشعب وإرادة الله قبل كل شيء .. وربنا يكتب لمصر الخير اللهم أمين ...
وحالياً أنا أعمل في مكان فيه من السيئات أكثر من الحسنات ولكن لن أنكر بأنني أكتسب منه خبرة ولباقة ستحسب لرصيدي ...
وهذا بعض ماربحته من اليوبيل الفضي .. فياترى هل سأربح الذهبي يوماً من الأيام ..؟ هذا مالا أتمناه ...
وأخيراً وليس آخراً .. أصبح الآن عمري 25 عاماً وإذا سألوني " إذا ولدتي من جديد هل ستغيّرين شيئا في تاريخ حياتك ..؟ " .. إجابتي ستكون قطعاً " لا " .. فأنا أعشق حياتي بزلاتها وأخطائها وحسناتها ...
فما أجمل أن أكون أنا بكل حالاتي .. فكل سنة وأنا أنا ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم غادة محسن
26 -3 – 2011
^_^